احتضن، فضاء غزة، ضمن فعاليات معرض الجزائر الدولي للكتاب في طبعته الـ26 المستمرة إلى غاية 4 نوفمبر الداخل، ندوة حول “شعر المقاومة” نشطها الكاتبين علي ملاحي والناقد عبد الحميد بورايو وأدارها عاشور فني.
وسلطت الندوة الضوء على الدور البارز والمهم للشعر في المقاومة الفلسطينية، ضد الاحتلال الإسرائيلي الغاشم منذ إعلان قيام دولة فلسطين إلى يومنا هذا.
وقال في السياق علي ملاحي إنّ ” إسرائيل وجدت لذة في البطش، والعرب ونحن نعي مأساة غزّة التى نراها كل يوم، نراها وهي تشرب من المعاناة وتكابد الأمرّين.”
وأضاف ملاحي: “على مدار الأسابيع الفائتة نفتح دفاترنا الأدبية فنجد أنّ الرصيد الشعري الذي قدّمه شعراء منذ إعلان قيام الدولة الفلسطينية وثورتها المظفرة يرفض الاحتلال ويرفض الإرادة المتسلطة على الشعب الفلسطيني.”
وأشار ملاحي إلى أنّه عندما يسترجع الشعر العربي المعاصر يجد نفسه أمام واجهة أدبية ثورية عنوانها هؤلاء الشعراء الذين أنجبتهم فلسطين و أنجبتهم غزّة مثل معين بسيسو، والذين يمثلون على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم أيقونة الشعر العربي المجيد.
وأوضح أنه “عند قراءة نصوصهم تكتشف أنهم مع فلسطين، وضد الاحتلال وضد الفقر، وضد البطش والقمع الذي يمارسه الاحتلال، مشيرا في معرض حديثه إلى أنّ “التفريق بينهم غير ممكن، فلا يمكن التفريق بين محمود درويش أو فدوى طوقان أو إبراهيم طوقان أو سميح القاسم، أو معين بسيسو… وغيرهم من الشعراء الذين رافقوا الثورة بأقلامهم وصوتهم.
ولفت إلى أنّ “نصوصهم تتضمن حس المقاومة، الذي يرافق دقات قلب فلسطين، بكل المواصفات، بمعنى أنّ شعراء فلسطين كانوا صوت بلادهم، ودافعوا عن القضية على جميع المناحي، كما يمثلون الريادة الشعرية ومارسوا الحداثة الشعرية بقوة.
من جهته، الناقد عبد الحميد بورايو، استرسل في الحديث عن تاريخ الشعر المقاومة خاصة في الجزائر وفلسطين، وقال إنّ “شعر المقاومة الحالي يستمد جذوره من الثقافة العربية القديمة، دون تمييز بين الثقافة الشعبية وبين الثقافة الرسمية.
وأضاف بورايو أنّ “أدب المقاومة بصفة عامة تعود جذوره إلى الملاحم الثورية العربية القديمة وعددها لابأس به، وهي ملاحم سواء ترصد الصراع القومي الداخلي، نظم اجتماعية، أو ملاحم تتحدث عن صراع الأمة العربية مع أمّة أخرى خاصة في فترات الغزو. وذكر المتحدث ملحمة “الأميرة طات الهمّة” و”المغازي الإسلامية”.
ولفت بورايو إلى أنّ “الشعر الملحمي انتقل إلى الجزائر في الفترة الاستعمارية، وصنعه فنانون ومتخصصون فيه يسموّن المداحون أو القوّالين (القوّال). كما اعتبر أنّ الشعر الملحون الجزائري مقاوم وارتبط بشعراء عدّة من بينهم محمد بن قيطون الذي روى ثورة في قصائد ثورة البوازيد (1876) وسمّى قادة الثورة، ثم استمر إنتاج شعر المقاومة وبلهجات مختلفة العربية والأمازيغية، هدفه الدفاع عن الهوية والتحفيز وشحذ الهمم لمحاربة المستعمر.
وفي الأدب العربي ذكر بواريو أنّ شعر المقاومة بدأ مع صحف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وأشار إليه مفدي زكريا ومحمد العيد آل خليفة.
ووفقه بورايو ” الشعر لديه وظيفة فنية ووظيفة تواصلية توعوية، بحث الناس على المقاومة، والشعر الجزائري يمتد إلى الشعر الفلسطيني بحيث يحمل قضية وطنية وثوري.
وبحسبه “شعر المقاومة يعتمد أحيانا أسلوبا مباشرا ويكون مقبولا لهذا السبب، ولكن لديه وظيفته التواصلية التي تحث على القضية الوطنية وله دوره في تحريك المجتمع في نشر الوعي الوطني.”
وحلو الشعر الفلسطيني، أوضح أنّ دراسة أجريت بين 2005 و2015، كشفت أنّ حوالي 80 شاعرا فلسطينيا أغلبهم في غزة، قدمّوا نصوصا مختلفة اتسمت بثلة من الخصائص من بينها أنّ موضوعاتها القضية الفلسطينية، الانتماء والهوية، وتمجيد المقاومة، وتمجيد روح الانتماء للجمعية أو الجماعة والعروبة. كما أنّها قصائد حول المكان: القدس، غزّة، وتطرح بعض الأزمات التي تعاني منها الحركة الفلسطينية (الصراع الداخلي)، وتحمل شكوى من الوضع الصعب وتحمل إدانة رسمية للموقف الرسمي العربي (التطبيع).
وأكدّ في ختام حديثه أنّ شعر المقاومة ظاهرة مهمة في المدونة العربية ولعب دورا مهمّا في مواجهة المستعمر، وفضلا عن ذلك لديه جماليات.