في إطار البرنامج الثقافي المرافق لفعاليات الطبعة26 من معرض الجزائر للكتاب احتضنت قاعة الطاسلي ندوة” آفاق النقد العربي في ظل الكتابة الرقمية “، نشطها كل من مجدوب العيدروس رئيس جائزة الطيب صالح من السودان ونانسي إبراهيم من مصر، وأحمد الجوا من تونس و اليامين بن تومي من الجزائر فيما تولى الدكتور واسيني الأعرج مهمة إدارة اللقاء.

أجمع المشاركون في هذه الندوة أن النقد العربي لم يتمكن حتى الآن من أيجاد مدرسة عربية وما يزال يعاني من التبعية للنظريات الغربية ،حيث أشارت نانسي إبراهيم من جامعة القاهرة بمصر إلى أن النقد العربي يعاني من التشتت أو الانفصال بين الواقع والتطبيق إذ يبقى النقد العربي حسب المتدخلة رهين هذه النظريات المستوردة التي نعمل على تطبيقها دون أن نضع في الحساب الخلفية التاريخية لهذه النظريات المنتجة في واقع يختلف عن واقعنا، وأضافت نانسي إبراهيم في معرض مداخلتها أن النقد العربي اليوم رهين التنظير السوسيولوجي الغربي لاعتقاد النقاد العرب أن هذه المناهج الغربية تتمتع بالدقة العلمية مما أوقع النقد العربي في التبعية والتحيز للغرب. وأضافت الباحثة أن النقد العربي حتى عندما أراد الانفتاح على الدرس الرقمي اعتمد نفس الآليات التي يعتمدها في الكتابة مما أبقاه رهين نظرة قاصرة.

من جهته أشار واسني الأعرج أنه لا يمكن اليوم الحديث عن النقد الرقمي طالما أننا لا نملك أدب رقمي مؤكدا أن ما يكتب اليوم هو نص الكتروني وليس رقمي وأغلب ما ينشر تحت مسمى الأدب الرقمي هي نصوص الكترونية يعاد نشرها غالبا في النصوص الورقية. وقال واسيني أنه حتى في الغرب اليوم ثمة مراجعة أو تراجع عن هذا الاتجاه الذي أثبت فشله.

وفي الإطار ذاته قال الدكتور مجدوب العيدروس من السودان أن النظريات النقدية جاءتنا بعد اتصالنا بالغرب ونحن نحاول أن نجاري التطورات في تقنيات الكتابة السردية

ودعا المحاضر إلى تجاوز القطيعة مع التراث والخروج من حالة فوضى المصطلح الذي يعرفه النقد العربي اليوم . وفي نفس الإطار قال المتحدث أننا اليوم نحتاج إلى تجاوز القطيعة مع الأجناس الأدبية” داعيا في السياق ذاته إلى الاستفادة من تراثنا في بلورة مدرسة نقدية عربية لا تنغلق على نفسها لكنها تحتاج إلى الانفتاح على النظريات الأخرى معتبرا أننا اليوم انتقلنا إلى العالم الرقمي بنفس خصائص الكتابة الورقية.

نفس النظرة تقريبا تقاسمها معه الدكتور أحمد الجوا من تونس والذي أكد أن الاتصال بالغرب واستقدام نظرياته أتاح الاحتكاك بالمناهج النقدية والمدارس المختلفة والتي جعلها النقاد العرب بديلا لما كان لديهم من قبل حيث أضحت مثلا الأسلوبية بديلا عن النقد البلاغي كما ظهر النقد النسوي والنقد النفسي والاجتماعي وغيرها من النظريات والاتجاهات الناتجة عن استقدام المناهج الغربية.

وقال الجوا أن الساحة النقدية العربية اليوم تعيش ما يمكن تسميته بالموضة الغارقة في فوضى المصطلحات في ظل غياب ما يمكن تسميته بمؤسسة نقدية التي تعيش كما قال الجوا نوع من الاستسهال حتى عندما حاولت التعاطي مع النقد الرقمي ونتج عن ذلك حسبه مجاملات وملاطفات لا يمكن تسميتها بالنقد عندما تتعامل مع النصوص.

من جانب آخر اعتبر اليامين بن تومي أن المؤسسة النقدية العربية اليوم تعيش ما أسماه بالملهيات وهي حسبه تفترق إلى مؤسسة قائمة بذاتها وهي لا تعدو أن تكون مدارس متفرقة تعمل العلمانية فيها على إلغاء الأصولية والعكس بالعكس.

بالنسبة لليامين بن تومي فان الفشل في إيجاد مدرسة نقدية عربية مرده غياب التراكم الطبيعي لما يفترض أن يكون فممارسة النقد لا يمكن دون إنتاج الفلسفة وإنتاج النظريات وفي السياق اعتبر بن تومي أن ما يسمى بالنقد الرقمي تجاوزا لأن ما يكتب اليوم تحت هذا المسمى ما يزال يتم التعاطي معه بنفس أساليب الكتابة الورقية في حين يحمل مفهوم الأدب الرقمي منظور آخر بالنسبة لليامين بن تومي تحدد الآلة أكثر مما يحدده الإنسان.

Pin It on Pinterest

Shares
Share This