تواصلت بقاعة الطاسيلي، الجلسات والندوات التي برمجت خلال هذا الصّالون، وكانت المناسبة لجلسة خصّت المرأة وتجربتها في الكتابة في ندوة تحت عنوان ” المرأة تكتب روايتها”، نقلت خلالها المشاركات، أهم المراحل التي مررن بها خلال تجربة الإبداع وأهم ما غزلته أناملهن إلى حد الساعة من مضمون يختلف حسب الظروف والأماكن.

افتتحت، الروائية الفرانكو جزائرية “فلورونس بلقاسم ” الجلسة بمداخلة بدايتها في هذا المجال، وحكاية الدعسوقة التي أثبتت لها أن الحياة لا تنتهي بعد الموت على حد تعبيرها، وأوجزت قصتها لمّا لامست يدها وكل عائلتها خلال مراسيم جنازة والدتها كعلامة تكتشفها فيما بعد.

كما عرّجت على حلمها المتمثّل في عودة جدها للحياة و حوارها معه، والذي وعدها بالعودة إلى مسقط رأسه في الجزائر بعد خمسة أيام وهو الذي لم يزرها مند وفاة زوجته، وترجمت الكثير من هذه الأحداث في كتاباتها، وشخصت الكثير من الوقائع خلال تجربتها في الكتابة.

أما الدكتورة زينب لعوج، فأوضحت أنّها إلى حد الساعة، تجد نفسها في الشعر، أما الرواية، فقد جاءت هكذا و فرضت نفسها، بعدما رأى الروائي الدكتور واسيني الأعرج، أنّ في شعرها جانب سردي، كما تحدثت بإيجاز عن العشرية السوداء في ” من الكلمة على الجريمة”، وكيف بدأ العنف الكلامي في الخطاب لمدة سنوات، و تحول بعدها إلى جريمة واغتصاب، تطرقت كذلك إلى “مرثية لقارئ بغداد”، عالجت فيها الكارثة العربية من خلال قصيدة واحدة وصلت أبياتها إلى 300 صفحة، ركزت فيها على ما نعيشه اليوم ولماذا وصلنا إلى هذا الوضع، وهو الذي نشر قبل أكثر من عشر سنوات، بالإضافة إلى “عطب الروح” القصيدة التي وصلت إلى 250 صفحة.

وختمت حديثها عن التجربة في الكتابة بـ”سويت أمريكا”، تحكي قصة مسيحي لبناني يعيش في أمريكا، هو مرمم لكل الأماكن المقدسة، في المقابل هناك جماعة التطهير العرقي تنظر إليه كمسلم فيخططون لقتله واغتصاب ابنتيه، من عائلة مركبة بين المسيحية والبوذية، تبنوا طفلتين، يهودية من اليمن وأخرى مسلمة من أفغانستان. ولخصت فكرة الرواية في العنصرية من حيث الأحكام المسبقة على الغير دون معرفته.

وتحدّثت الأديبة جميلة طلباوي بإسهاب عن الصحراء وظروفها وجمالها، وهذا ما غلب على تجربتها في الكتابة بدءا من “الخابية”، ” قصر بشار”، الذي هو تجمع سكاني يحيط به سور من طين الأرض والنخيل، ثم “واد الحناء”، الذي تحولت في المحتوى إلى مدينة أدرار المعروفة بنبتة الحناء، التي تجفف أوراقها ثم تدق لكي تعطي الشكل النهائي الجميل، وهو ما ينطبق على الإنسان على حد تعبيرها، لتختم تدخلها بـ “قلب الإسباني” الذي اختارت فيه بطلها من مدينة بشار، وتتعلّق بقصة شاب يهاجر إلى إسبانيا، أرادت من خلال هذا المحتوى الحديث عن التعامل مع الفرد على أنه إنسان ولا يجب النظر إليه بمنظور العقيدة وغيرها.

إلى ذلك، تطرّقت الروائية ليندة شويتن للأسباب التي أخرت المرأة في مجال الإبداع، والتي ترجع في الغالب إلى أنها دائما محاطة بالأولاد والعائلة، لكن، ورغم كل هذه الظروف، يجب عليها فقد التمسك بالفن وكل ما هو جميل.

وتساءلت الرّوائيّة “سامية بن دريس” عن جدوى الكتابة، إن لم نستطع الدفاع عن الحق والانتصار له، معتبرة إيّاها نوعا من الشهادة والتوثيق التاريخي. أما عن تجربتها الكتابيّة، فهي على العموم حول المرأة معتبرة أنها ليست كائنا فضائيا، بل تشكل بؤرة في هذا المجتمع. وعرضت بعدها إصداراتها، “رائحة الذئب” “وشجرة مريم”، بيت الخريف”، “الفرائس تكتب تاريخها”، موضحة أنّ ما تكتبه يشكّل استعادة التاريخ من زوايا مختلفة، كما ترتكز في كتاباتها على الذاكرة الشفوية، وحكايات تروى بين النساء والجدات خاصة، سلطت في مجمل ما تكتب الضوء على الكثير من أحداث الاستعمار وردة فعل المرأة خلال التمشيط والغارات، وكيف واجهت هذه الأزمات، إضافة إلى الصور الاجتماعية ذات الخلفية التاريخية وحضور الذاكرة، واستحضار الثقافات الشعبية، وهو ما عالجته العشرية السوداء، متسائلة في سياق ذي صلة، عن السّبب الذي يجعل المرأة دائما، هي الحلقة الأضعف. واعترفت الرّوائيّة أنّ أصعب شيء بالنسبة لها هي التقنية، لأنها الوسيلة التي تربط الكاتب بالقارئ، وأنّ القارئ الأهم بالنسبة لها هو الذي يقرأ ليستمتع.

وختاما، أشارت الروائية ليلى عامر أنّها تكتب لمدينتها تيارت، وهي بذلك تشارك بهذا الشكل للتعريف بها، على غرار “البقايا” مجموعة من القصص، ثم ” إمراة افتراضية”، ” العلاقات الافتراضية”، حيث تعوّدت بطلتها سميرة رفقة والدها على السياحة، لكنها في لحظةما، أصيبت بانفصام في الشخصية، وأخذت تنتقم من المجتمع، فتدهورت العلاقة بين الوالد والعائلة وغادرت بمفردها. واعتبرت أنّها رواية استخدمت بعض الرسائل الحقيقية الموجودة في الفايسبوك، وقد ترجمت إلى الفرنسية.

كما تحدّثت عن مضمون كتاباتها مثل زواج الطفلة المغتصبة وإدمان الأب وأثارها على الأسرة، أرادت على حد تعبيرها إيجاد حل للإدمان. ولعل الأهم بالنسبة لها إلى حد الساعة، أنها لامست في تجربتها شيئا من التاريخ، على لسان المجاهد حنيش بن عيسى من تيارت، وقفت على حكايات وقصص وأشياء اعتبرتها أمانة على عاتقها لابد أن توصلها من خلال ما تكتب.

Pin It on Pinterest

Shares
Share This