أكّدت الدكتورة أمنة يعلى، خلال إدارتها، أمس الأحد، لندوة “تسريد المقاومة الفلسطينية في الرواية العربية” أنّ الرواية العربية والمقاومة الفلسطينية، كأنهما توأمان، تاريخيا، سارا جنبا إلى جنب، ومن الصعب الإلمام بكلّ مات كتب عنها منذ النكبة الأولى في 1948، وأضافت أنّ المتأمل في تاريخ المقاومة من ذلك الحين مرورا بحرب حزيران وما تخلله من محارق في فلسطين إلى حرب 1973 وغيرها من المجازر، يكتشف أنّ المثقفين والأدباء الفلسطينيين كانوا يعيشون المقاومة ويمارسونها كغسان كنفاني.
وواصلت الدكتورة خلال الندوة المدرجة في البرنامج الثقافي المرافق لصالون الجزائر الدولي للكتاب السادس والعشرين بفضاء “غزة”، أنّ المقاومة كقضية ظلت أكبر من النصوص التي يكتبها الروائيون أو متساوية مع النص أو أنّ النص يفوق القضية، وعندما يصبح النص أكبر من القضية يصبح “التسريد”، وقالت إنّ تسريد القضية وتمثيلها نصيا بقي مؤجلا إلى غاية ثمانينيات القرن الماضي، فبدأ الحديث عن المقاومة وتسجيل تاريخها، وكان على الأدباء استيعاب ما وقع كي يعيدوا تمثيله في كتاباتهم. وظهر أدب المقاومة سواء في الشعر أو الرواية وهو أدب مفصلي مهم في المنجز العربي.
من جهتها، قدّمت الروائية عائشة بنور نبذة عن روايتها “نساء في الجحيم” المهداة إلى الذين عطّروا الأرض بدمائهم في الجزائر وفلسطين.. دلال المغربي، مريم بوعتورة، غسان كنفاني، شادية أبــو غزالة، ناجي العلي… وكل شهداء الحريــة، مشيرة إلى أنّ تختزل واقع المرأة الفلسطينية ومسيرتها النضالية عبر التاريخ وتشبثها بالأرض رغم التهجير والقمع حيث يتم طرح هذه القضية من خلال سرد ذكريات مجموعة من الفلسطينيات ومنهن الأسيرات في السجون.
وأشارت الروائية إلى وجود صلة وجدانية بين الجزائر وفلسطين، فالتاريخ لا ينسى ما عاناه الشعب الجزائري من وحشية الاستعمار الفرنسي، والقاسم المشترك بين الشعبين هو المعاناة وعدم التفريط بالأرض، وبطبيعة الحال قضية فلسطين لا جدال فيها، القضية الفلسطينية هي القضية الأم مهما كان ولن تُغير القوانين الدولية ذلك.
أما الدكتورة انشراح سعيدي فاستعرضت في ورقتها البحثية تحوّلات الكتابة عن فلسطين في الرواية الفلسطينية بدءا بعمل اميل حبيبي الذي نشر متسلسلا في جريدة “الاتحاد” بعد سنة من الاحتلال الصهيوني لفلسطين والذي تناول فيه يوميات البطل سعيد تحت وطأة الاحتلال الغاشم ورواية “العائد إلى حيفا” لغسان كنفاني الذي تناول فيها قصة سعيد الذي عاد بعد عشرين سنة على الاحتلال، وهما نصان روائيان أرخا للاعتداء والاحتلال، وأشارت إلى أنّ هذه المرحلة الأولى اتّسمت بالتأريخ للعدوان، في حين جاءت نصوص سحر خليفة بعد تبلور الوعي ونشوء المقاومة فروايتها “باب الساحة” حيث صوّرت تمكّن الانتفاضة من هدم بوابة الساحة التي أقامها الاحتلال، لكنّها صوّرت الجمود الفكري عند الفرد الفلسطيني الذي لم يتحرّر من ربق أفكاره الرجعية، حين يتعلق الأمر بالمرأة، ورفعت سحر خليفة سقف النقد في عملها “ربيع حار” بينما صورت التواطؤ الفلسطيني- الصهيوني من أجل تهريب السلاح في رواية “أصل وفصل”.
كما تناولت عمل أدهم الشرقاوي “نطفة” الذي يصوّر حالة الخوف من الإبادة فحاول البطل المسجون أن يهرّب نطفة لتحمل زوجته على أمل بقاء النسل وفيها إشارة إلى محاولة الابادة التي يسعى الصهاينة لتفعيلها والطرق التي يفكّر فيها الفلسطيني من أجل مد جذوره في هذه الأرض الذي لا يقبل ان تكون الا له.
بينا تناولت في الرواية الجزائرية رواية “سوناتا لأشباح القدس” لواسيني الأعرج و”الصدمة” لياسمينة خضرا، وفي التونسية تحدّثت عن رواية التونسية حفيظة قارة “بيبان العراء” ووقفت الأستاذة على نصوص أخرى هي “شرق النخيل” للمصري بهاء طاهر الذي كتب نصا بوليفونيا أعط فيه الحرية لكل الأصوات التي هدمت صورة الفلسطيني البطل ووضعته في مواجهات مع حقيقة نظرية المؤامرة وتراخي كل من العرب والفلسطينيين إزاء القضية الفلسطينية كتبها بهاء طاهر بدعاء وبوعي كبيرين.