هل قراءة الرواية مضيعة للوقت؟ هو سؤال سطحي في ظاهره، لكنه عميق في جوهره، هو سؤال بسيط وعميق في الوقت نفسه، تعليق بدأ به الروائي الأردني أيمن العتوم مداخلته في الندوة التي احتضنتها قاعة الطاسيلي يوم الأثنين، بعنوان ” هل قراءة الرواية مضيعة للوقت؟” والذي، قال أنه رد على هذا السؤال فيما سبق في مقال عرضه خلال هذه الندوة بالتفصيل، وكانت بداية عرضه في أنه وقع في شرك السرد على غفلة من الشعر على غرار الكثير من الشعراء والكتاب، وبعد أن اجتاحت موجة الرواية العالم ككل وليس العربي فحسب، طفا سؤال مهم وواضح، موجه للكتّاب، وهو ما الفائدة من كتابة الرواية؟ وهل الرواية فن مبتذل ومضيعة للوقت؟ أوليس الذين يغرقون في تفاصيلها ويعالجون أبطالها هم مراهقون أو مجانين أو الذين أرادوا أن ينفصلوا عن الواقع، على حد تعبيره، ليخلص في الأخير إلى أنّها ليست أبدا مضيعة للوقت.
لكن وقف في شطر ثان في الإجابة عن هذا السؤال بعرض إحصائيات، وهو أنك لو وقفت على إصدارات الرواية سنة 2023 ، فستجد أنهم كتبوا ما يقل عن 3 ألاف رواية، والسؤال كم منها صالح للقراءة، كم منها قادر على تغيير الإنسان ويفتح بوابة العقل، والجواب لا تزيد عن عشرة بالمائة، وهنا نجد أن الروائيين يكتبون هراءا و أنا واحد منهم على حد تعبيره، فهو يرى أنّ الكتاب الذي تخرج منه كما دخلت ليس كتابا، وأنّ العديد من القراءات تعتبر مضيعة للوقت وهذا لا شك فيه، حتى في الفقه والعقيدة والتاريخ، بل قد تكون قراءة كتاب في العقيدة مضيعة للوقت من الرواية، لأن الهراء موجود في كل أنواع الكتابات. فقضية إضاعة الوقت في القراءة ليس متعلقا بفن دون الآخر على حد قوله، ومادمت تقرأ نصا تصارع فيه عقارب الساعة لتنهيه، فهذا مضيعة للوقت.
وتوسع أيمن عتون في الإجابة عن هذا السؤال حتى بالحديث عن الكتب السماوية والقصص فيها، وكيف تشد القارئ. وقدّم الكثير من الأسماء في عالم الأدب والرواية لوضع الحضور على ضفتين مختلفين للإجابة عن هذا السؤال، متطرّقا في السياق، إلى بعض من رواياته الثمانية عشر، من حيث تأثير بعضها على القراء بالسؤال عن أبطالها، حتى ولو كانت غير موجودة بالأساس، فالقدرة على صناعة شخصيات حية يحاورها القراء، لا يمكن لأي علم من العلوم الوصول إليها ماعدا الراوية على حد تعبيره. كما تحدث في مجمل ما عرضه، عن تأثير الرواية على قرائها بأن يصل إلى حد الانتحار بسبب الحب البائس فيها مثلا. في المقابل، لما قرأها هو لم يفكر حتى في الانعزال لمدة أسبوع، وهنا يظهر الاختلاف بين القراء في الحكم على محتوى القراءة.
إلى ذلك، أشار أيمن العتوم في مداخلته إلى حال الرواية اليوم من خلال المعارض الذي يشارك فيها، وعلى ” الترند” الذي أصبحت تحققه بعض الروايات، وكذا بعض الطوابير على كتاب الرواية لكنها لا تدوم طويلا، وهو ما عبر عنه برواية النزوة أو المراهقة. وأنّ هذا لا يحدث فقط في الوطن العربي، بل في كل العالم على حد تعبيره.