“الرواية الجزائرية والتغريبة الفلسطينية” هو عنوان الندوة التي احتضنها فضاء” غزة”، أمس الاثنين، مرافقةً لفعاليات صالون الجزائر الدولي السادس والعشرين، وشارك فيها كلّ من واسيني الأعرج، محمد ساري، عز الدين جلاوجي، بومدين بلكبير وعبد المنعم بن سايح.
بداية، تحدّث الروائي واسيني الأعرج عما لمسه خلال زيارته لفلسطين بدعوة من مؤسّسة “محمود درويش”، فبغض النظر عن الخوف الذي تملكه وهو يقبل الدعوة الرسمية التي وجهت له من طرف دولة فلسطين ودعم قنصل فرنسا بالقدس آنذاك، المتعاطف مع القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أنّه اختار المرور عبر المعابر الأمنية، وتابع أنّ ما أثاره عند زيارة فلسطين، الجمهور الرائع الذي من المستحيل أن يضيّع لحظات الجمال والفرح رغم الأسى والألم. وتابع واسيني باستعراض أهم ما جاء في روايته “سوناتا لأشبح القدس”، موضّحا أنّ الأدب يمنح فرصة للحياة، وقال إنّ الرواية مفادها “هل ننسى عندما نريد أم ننسى عندما تريد الذاكرة ذلك”.
من جهته، ربط الروائي محمد ساري بين ما حدث في الثورة الجزائرية وما حدث ويحدث من إبادة في فلسطين، وتوقف عند روايته “نيران وادي عيزر” حيث عاد إلى طفولته التعيسة بقريته الريفية إبان الثورة وتهجيره وعائلته منها من طرف المستعمر الفرنسي الذي حاول قطع العلاقة بين السكان والمجاهدين، مقدّما وجه الشبه بين المقاومتين وقال “نحن الجزائريين لدينا تاريخ يسمح لنا بإدراك طبيعة المقاومة الفلسطينية ونتضامن معها بكثير من الحزن.
أما الأستاذ عز الدين جلاوجي فأشار إلى أنّ السردية بين الجزائر وفلسطين لها واجهان، سرد الواقع والسرد التخيّلي، قال إنّ الشعب الجزائري له علاقة وطيدة مع فلسطين ويتجلى ذلك في شخص أبو شعيب الأنصاري الذي له الوقفات الجبّارة في الدفاع عن فلسطين وأسّس لما يسمى بباب المغاربة وأثار وقفه لا زال موجودا. إلى جانب الشيخ البشير الإبراهيمي الذي تحدّث عن تضحيات الجزائريين دفاعا عن فلسطين، وما حمله ديوان “اللهب المقدّس” من قصيدة لفلسطين، كما استحضر عن عشرات الجزائريين الذين قدّموا أنفسهم كمقاومين في فلسطين و التحقوا بالحركة الشعبية لتحرير فلسطين لبوشحيط، محمد بودية وغيرهم ممن تخلوا عن مقاعد الدراسة في سوريا والتحقوا بالكفاح المسلح من أجل فلسطين.
أما فيما يتعلق بالسرد التخيلي، وقال إنّ الكثيرين ممن كتبوا عن الجرح الفلسطيني، فهناك صوتان، صوت مؤيّد للقضية وواقف معها كرواية عز الدين ميهوبي “سيرة الأفعى”، ونصّ آخر هو “الصدمة” لياسمينة خضرة الذي كانت له رؤية مختلفة عن فلسطينية تفجّر نفسها، فيقدّم الإسرائيليين على أنّهم “ملائكة” ومثال للتمدّن ويصوّر الفلسطينيين بشكل قذر و”لا همّ لهم سوى المال”.
“الروائي يبحث عن إنسانيته ولا يتجرّد منها”، بهذا استهل الروائي بومدين بلكبير مداخلته، وأضاف أنّ الروائي لابدّ أن يكون له موقف من الأحداث من باب الاحترام لذاته”، واستحضر المحاضر ما حدث للروائية عدنية شبلي التي تراجع معرض فرانكفورت عن تنظيم جلسة لمنحها جائزة بعد انحياز المعرض الفاضح للكيان الصهيوني، وقال “هناك فاصل بين الموضوعي والذاتي”، وتوقّف عند الرسالة التي وقّعها مثقفو وكتاب العالم الأحرار نصرة لفلسطين”.
وتطرق المتحدّث إلى الرواية من الداخل الفلسطيني، كإبراهيم نصر الله، غسان كنفاني، إميل حبيبي، سحر خليفة وأيضا إلياس خوري، أميمة الخميس وأيضا إبراهيم صنع الله، وأكّد أنّ الرواية أكثر قدرة من الأجناس الأدبية الأخرى، على التعبير عن القضايا الإنسانية والموضوعات لا تنظر للكمّ ولكن النوع. ولا يجب أن نضع القضية الفلسطينية في دائرة ضيقة بل نضعها في مساحات اوسع.
واختتمت الندوة بعرض تجربة الروائي الشاب عبد المنعم بن السايح، الذي توقف عند رواياته “المتحرّر من سلطة السواد”، بقايا أوجاع سماهر و”لنرقص الترانتيلا ثم نموت” وهي اعمال تناول فيها القضية الفلسطينية من وجهة نظر خاصة به.