تناولت ندوة ” كيف يمكن أن نقرا مالك بن نبي” المنعقدة بقاعة الطاسيلي، في إطار نشاطات صالون الجزائر الدّوليّ للكتاب، فكر مالك بن نبي وكيف يمكن اليوم استعادته، بحضور عدد من المختصين من الجزائر، مصر، ماليزيا، وفلسطين، حيث ركزت جل المداخلات على ضرورة إعادة قراءة فكر مالك بن نبي وفق معطيات الحاضر .

قالت وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي إنّ مالك بن نبي يمثل مدرسة جزائرية فكرية أصلية قائمة الأركان، ما زالت حاضرة في الجامعات ومراكز البحث على السواء، وأضافت مولوجي في كلمة ألقاها نيابة عنها مدير الكتاب بالوزارة تيجاني تامة، أنّ الاحتفاء بمالك بن نبي هو تجديد للعهد ووفاء لنجوم الجزائر وفق الرؤية الثقافية الجديدة التي تقوم على العناية بتراث المدرسة الفكرية الجزائرية الأصلية، والتي من دونها لا يمكن استشراف المستقبل. واعتبرت مولوجي أنّ مالك بن نبي نموذج رفيع للنخبة الجزائرية التي تمثل مدرسة فكرية أصيلة بغرض قراءة المنجز المعرفي، معتبرة أنّ المشروع النقدي والفكري الذي حمله مالك بن نبي هو بحاجة اليوم إلى تبسيط الرؤية العميقة للمفكر لفائدة للدارسين والطلبة.

من جهته، اعتبر محافظ الصّالون محمّد إيقرب، الاحتفاء بمالك بن نبي، جزءا من الاحتفاء بالتكامل الإفريقي الأسيوي الذي رافع لأجله المفكر وأنّه لشرف أن يتمّ الاحتفاء كذلك بإفريقيا كقارة للكرامة والنضال ضد المستعمر والاستغلال، خلال هذه الطّبعة السّادسة والعشرين.

ودعا عميد جامع الجزائر الشيخ المأمون القاسمي، إلى قراءة مالك بن نبي لمعرفة ” عقيدة الحضارة و فهم الإسلام فهما صحيحا وإدراك النظام المتوازن للحياة “، معتبرا إيّاه وريث الفكر الخلدوني الذي شغلته مشكلات الحضارة. واستحضر الشيخ القاسمي إلى لقاءاته بالراحل مالك بن نبي خلال ملتقيات الفكر الإسلامي التي كانت إحدى إنجازات هذا الرجل الذي وصل فكره إلى العالم، وتبنته بعض الدول التي قامت على أفكاره على غرار ماليزيا التي فهمت فكر الرجل فهما صحيحا واستغلته في تحقيق نهضة اقتصادية هي اليوم تتصدر العالم، مشيرا إلى أنّ المدرسة الجزائرية التي غيبت فكر مالك بن نبي طويلا آن لها أن تستعيده .

وفي سياق ذي صلة، دعا منسق الملتقى بومدين بوزيد، إلى ضرورة استعادة مالك بن نبي من التيارات التي تنازعته وحاولت نسبه إلى هذه الطائفة أو تلك، وخاصة في الخليج الذي قزم فكره ضمن تيار معين، موضّحا مشدّدا على ضرورة ترجمة إصداراته، لأنّ بعض الترجمات شوهت أفكار مالك وأخرجتها من سياقاتها، وأنّ بعضها بحاجة إلى إعادة التهميش.

وقد تمحورت المداخلات التي طرحت خلال الندوة حول إشكالية إعادة قراءة فكر مالك بن نبي اليوم، وكيفية استعادته، حيث اعتبر عمار طالبي في محاضرته ” قراءة معاصرة لمالك بن نبي” أنّ هذا المفكر هو نتاج عصره وبيئته وجزء من الخطاب الإصلاحي والفكر النهضوي الذي عاصره.

إلى ذلك، أقرّ الدكتور بوعرفة أنّ بن نبي، اليوم، بحاجة إلى قراءة جديدة بعيدا عن اجترار ما قاله المفكر واعتباره صنما وقراءة فكره بعيون تجديدية معاصرة تخدم مجتمعنا. فيما اعتبر الدكتور بدراني بلحسن، أنّ مالك بن نبي كان منفتحا على معارف عصره، ومتشابكا نقديا مع الأطروحات المعاصرة، حيث كان مستوعبا لتراث الحضارة الإسلامية منطلقا من سؤال جوهري شغله وهو سؤال التخلف، وهو ما جعله يتجه للثقافة الغربية بحثا عن الأدوات التي تمنح له الإجابة.

وفي مداخلته، أفاد عماد الدين إبراهيم عبد الرزاق من مصر، أنّ بن نبي كان سابقا لعصره في طرحه لمسألة التكتلات، في كتابه” الفكرة الأفروآسيوية” بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وبروز الرأسمالية الأمريكية التي اعتبرها المفكّر شكلا جديدا من الهيمنة الغربية. كما دعا الدكتور بلعقروز من جامعة سطيف، إلى تكيف القراءات في فكر مالك بن نبي وفق معطيات العصر وحاجيات المجتمع المعاصر.

Pin It on Pinterest

Shares
Share This