“الالتزام في الأدب الافريقي” شكل محور ندوة احتضنها أمس الثلاثاء “الفضاء الافريقي” بالجناح المركزي لصالون الجزائر الدولي للكتاب السادس والعشرين، ونشّطها سبعة روائيين أفارقة، ثلاثة منهم جزائريون، سليمة ميمون، محمد عبد الله وجواد رستم تواتي.
وأجمع الروائيون الجزائريون الثلاثة على أنّه لا “يوجد أدب دون التزام”، فالنص ليس محايدا أبدا، وفق جون بول سارتر، وكلّ كتابة هي محاولة لتغيير الواقع أو التأثير فيه، حيث أكّد محمد عبد الله أنّ الالتزام الأدبي يتمثل في وصف الحقائق كما هي موجودة في الواقع، مع إدراك أنّ التحدّث يعني وضع المرء نفسه في توازن القوى. وهذا النهج يجعل من الممكن تحليل وتشريح وتحويل الوضع الحالي، ولا سيما علاقات الهيمنة، التي، حسب قوله، هي في قلب الأدب.
في نفس هذا المسعى، ذهب جواد رستم تواتي، إذ أنّ الأدب بالنسبة له مرتبط جوهريا بالالتزام، وأنّ هذا حشو. ويوضّح أنّ الأدب هو المكان الذي يتم فيه إنتاج الأيديولوجيا وإعادة إنتاجها. فقراءة كتاب يؤثّر فينا، ونادرا ما نخرج منه بشكل محايد، إما بمنظور جديد أو بتأكيد قناعاتنا. مضيفا أنّ المناقشات بين أولئك الذين يدافعون عن النهج الواقعي وأولئك الذين يفضلون رؤية أكثر انتقادية تخلق توترات وشكوكا حول نوايا الكتاب.
من جهته، أصرّ الكاتب السنغالي سليمان إلغاس على أنّه لا وجود لا لفكر أفريقي ولا أوروبي، مذكّرا بالانتقادات التي وجّهت ضدّ كتّاب الزنوجة المتّهمين بنقل فكر المستعمرين في أفريقيا. مشيرا إلى وجود أمثلة على مثل هذه المناقشات في جميع أنحاء العالم، لا سيما في قراءات أعمال ماركيز ويوسا. كما دعا إلى تحقيق التوازن حيث يمكن للجميع التعبير عن أنفسهم بحرية دون اتّهامهم بالخيانة أو الانتماء إلى كنيسة معيّنة.
الندوة كانت مناسبة أيضا، ليستعرض الكاتب الطوغولي كوسي كولا إيبري تجربته بإيطاليا، حيث يحاول أن يدمج القيم الإفريقية في كتاباته، من خلال تناول مواضيع حساسة كالهجرة، الافريكوفوبيا وكذا حياة المنحدرين الأفارقة في ايطاليا، ويبرز أهمية الحديث عن هذه القضايا، لأنّ الصمت لا يؤدي إلاّ إلى إدامة العنصرية، دون محو مسؤولياتنا في الوضع الحالي.
وعند سؤاله عن مفهوم “قابلية الاستعمار” وإنهاء الاستعمار، يرى إلغاس أنّ الفكر يتطور باستمرار. وبما أنّ الاستعمار شكل من أشكال العنف، فإنّ إنهاء الاستعمار يمثل الرد على هذا العنف الأوّل. ويختتم بالتأكيد على أن كل أشكال الاستعمار محكوم عليها بالفشل، لأنه عاجلاً أم آجلاً، سيعود “إنهاء الاستعمار” غير القابل للتصرف في كل واحد منا إلى الظهور.