احتفى صالون الجزائر الدولي للكتاب في طبعته الـ26، بالذكرى الـ69 لاندلاع الثورة التحريرية، عبر تنظيم نشاطات مختلفة، أبرزها ندوة “التاريخ والذاكرة: نوفمبر في قلب السيلا”، التي سجلت مشاركة كل من محمد خلادي وعيسى قاسمي، وهما مجاهدان وضابطان في جيش التحرير الوطني إبّان الثورة ، إضافة إلى أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر 2، علال بيتور.

وقال خلادي، في الندوة التي نشطها عصاد نورالدين مدير المركز الوطني للبحث والدراسات في الحركة الوطنية وثورة أوّل نوفمبر، بقاعة “الطاسيلي” إنّ “الاحتفال بنوفمبر لا ينبغي أن يكون كذاكرة وكماض فقط، بل أيضا بتبنيه من أجل جزائر المستقبل.

وأضاف خلادّي: “خلال تجربتي في السلك الدبلوماسي، كان السفراء يسألونني لماذا الجزائر متشبثة بقضايا التحرر وقضايا تقرير المصير؟، فكنت أقول لهم إنّ الجزائر كانت تقاوم لوحدها، حاربت، وانتصرت على الاستعمار.”

واستطرد خلادي، وهو سفير سابق، قائلا: “أوّل نوفمبر بداية لكفاح طويل، أخذ وقتا، وخلّف شهداءا، حتى جندّ كل الشعب. في أوّل نوفمبر، طلب من كل الجزائريين تلبية النداء، رغم قوّة العدو وتطور عتاده العسكري، لكن بعد 7 سنوات من المعاناة استفاق الشعب، وهكذا قضى على آمال المستعمر.”

وأضاف أنّه منذ ديسمبر 1960، بدأت فرنسا تبحث عن مخرج من المأزق، وبفضل إرادة الشعب وجيش التحرير تحررت البلاد، داعيا إلى ضرورة إعادة بعث النداء مرّة ثانية لبناء الجزائر الجديدة، رغم الوقت الذي يمكن أن تتطلبه، لكن توجد الإمكانيات والطاقات لفعل ذلك، مشددا على أنه وجب إعادة إحياء أوّل نوفمبر وإعادة تحديث الإدارة الجزائرية لتكون مواكبة للمجتمع ومتطلباته.”

من جهته، الضابط السابق في جيش التحرير عيسى قاسمي، قال إنّ “الهدف هو الجيل الحالي والجيل القادم، نوجه له رسالة أن يواصل بناء الوطن بنفس العزيمة والإرادة التي كانت تحذو المجاهدين والأجداد والآباء من 1830 إلى 1954.”

وأردف قائلا: “عندما كنّا في الجبال وفي السجون نتعذب ونتألم، وتقع معركة بطولية والفرنسيون يلوذون بالفرار، كنّا نفرح ونصفق ونفتخر.”

وأشارإلى أنّ “فرنسا كانت تنعتهم بشتى الأوصاف القبيحة والأسماء المهينة، وعندما جاء شارل ديغول إلى الحكم، أطلق علينا وصف “البؤساء الأميين، لكن الأميين أعطوه درسا في النضال والكفاح.”، مشيدا في سياق ذي صلة، إلى أنّ الفريق الدبلوماسي الجزائري في اتفاقيات إيفيان، لقنّ الدبلوماسيين الفرنسيين درسا في المفاوضات والمعرفة والقيادة.”

ولفت إلى أنّ “الجزائر صنعت أعظم ثورة في العالم بفضل رجالها ونسائها، وستصل الجزائر أعلى المراتب بفضل أبناء اليوم، فقط باحترام الذاكرة وأبطالها وجعلها منطلقا للمستقبل.”

وخلال مداخلته، أوضح أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر 2 علال بيتور، أنّ “المجاهدين ساقوا سفينة النصر، الذي كان مؤكدا في أذهانهم قبل انطلاقة الثورة.”

واعتبر بيتور أنّ “أبطال نوفمبر كانوا يقولون إنّ الطريق طويل ولكن النصر محقق، ولا يمكن لصاحب الحق إلاّ أن ينتصر.”

ووفق المتحدث، فإنّ أول نوفمبر، قام به عصبة من الشباب، وبيان أوّل نوفمبر يتجدد، ويمثل الجزائريين وهو مصدر من مصادر عزتهم، لافتا إلى أنّ الجزائريين أجمعوا واتفقوا على أنّ بيان أوّل نوفمبر، مرجع كتبه الأبطال، وهذا المشروع يعتبر وثبة أولى للتحرر من الاستعمار، كان يتصور الناس أنّها مستحيلة، وأنّ فرنسا لن تتخلى عن الجزائر.

وشدد في معرض حديثه على أنّّ إعادة قراءة الذاكرة ضرورية والوعي بالتاريخ ضروري، وبيان نوفمبر جاء لتحرير الجزائر، وأيضا من أجل جزائر الغد، وأنّ مشروع أوّل نوفمبر، ما يزال قادرا على وثبة ثانية من أجل الجزائر الجديدة، وما يزال صالحا لإعادة بعث الدولة الجزائرية.”

Pin It on Pinterest

Shares
Share This