ارتفعت أصوات الشعراء الجزائريين، أمس الأربعاء، من “فضاء غزة” وحملت معها الأحاسيس المتضاربة والدعوات الصادقة، إلى “غزة المخذولة”، وهي تعيش فصولا من الإبادة التي يمارسها الكيان الصهيوني مدعوما من “قوى الشر” وخذلان دولي فاضح سيبقى وصم عار في جبين كلّ من أصم أذنه وأصبح أبكما، ولم يتحرك قيد أنملة.
هي أمسية شعرية معبّرة، امتزجت فيها المشاعر، خصّصها فرسان الكلم الجزائريون لغزة، وكانت البداية مع الشاعر المتميّز الزبير دردوخ الذي قرأ قصيدة “القدس لنا” ومما جاء فيها “أقدس عليها صلاتها وسلامها وسجودها وركوعها وقيامها” وأضاف “هي وقفة بدرية نفحاتها من وحي أحمد، حربها وسلامها، هي وقفة للحق شامخة الرؤى، عشنا لها وتعطّلت أيامها حتى طلعت من الجليل، حتى طلعت من الخليل، فهللت لبهاء طلعتها العراق وشامها”، وواصل قائلا “فئة قليل عدّها وعتادها، غلبت فلول الغاصبين ومضت ترتب بالجهاد مصيرها لما تخاذل كلهم حكامها”.
وفي قصيدة ثانية بعنوان “الشمس تشرق من فلسطين” قال “آن لكم أن تحزموا حقائب الهروب، فإنّ أرضنا لها أبطالها، أطفالها، نساؤها وأهلها قامت لهم أظافر وصار عندهم نيوب، آن لكم أن تحزموا حقائب الهروب، كذا ترتل القلوب، فالأرض أرضنا ونحن قادمون والقدس قدسنا ونحن راجعون، بذاك يصدح النشيد في الدروب”، وأضاف “فحينما تستيقظ الشعوب وينتهي صراعها مع الحكّام واللصوص والذباب والجيوب، ستبدأ معارك التحرير مع اليهود، نجوم غزة تضيء في الجنوب، نجوم غزة تمسح عن وجوهنا الشحوب، لم يبق من دولتكم إلا الخطايا والذنوب” وتابع يقول “ليس أمامكم سوى منافذ الهروب، دارت عليكم الرحى رحى الحروب، فبرّنا كمائن وبحرنا قذائف وسهلنا جيوب، فعجّلوا رحيلكم وغادروا قبل أن تغادروا من الثقوب”.
ليفسح المجال لشاعر آخر لا يقلّ تميّزا شعرا وإلقاء، فكان ابراهيم صديقي الذي تفاعل مع الحضور مع قصيدته “تحت النار، للأشقاء هناك” تفاعلا جميلا يليق بما قال، ومنه”رفيقةَ العمر، موجُ الحادثاتِ عَلاَ، عذرا إذا لم يُطِق شعري بها غزَلاَ، عذرا لوجهكِ لم أرسم ملامحَهُ، وفاتني الكَرَزُ الورديُّ حين حَلاَ، عذرا لطيفِك لم أشعر بمقدمِه”، وأضاف “تراجع الصبر والأخبار عاجلةُ، تروي مجازرَ ملعونِ وما فعلا، مدينةُ أصبحت في اللمح مقبرةَ، في أرضها دفنوا الإنسان والمُثُلا، لم تستغثْ لم تجد وقتا لآهَتها، حتى استوى الموت في الارجاء واكتملا، أطفالُها كتبُوا الأسماءَ في يَدِهم، كي يعرف الناسُ مَن مِنْ بينهم قُتِلا، نساؤها في طواببر الابادة لم، يصرخن يأسا من النَّجداتِ أن تصلا، بيوتُها حفَرُ حمراءُ ماثلةً، للعين تروي لكل الناس ما حصلا، أصواتُها من أنين الذبحِ في جدلِ، وخنجرُ المعتدي لا تعرف الجدَلا”.
وبكثير من التأثّر صرخ “ياخالق الليلِ هذا الليل أشعلَه، جحيمُهم كقضاءِ قاهرِ نزلاَ، يا خالق الجسدِ المصقولِ من علقِ، أجسادُنا.. كلُّ عضوِ تاهَ وانفصلا، يا خالق العدل أين العدل إذ قَتَلوا، وجرَّحوا ثم نال العطفَ من قتلا، والعالم المتعاليِ اغتال قصتَّنا، بصمته وعلى أشلائنا احتفلا، هم ينشدون اقتلاعَ اللَّونِ من دمنا، ونحن نرشدُهم إن ضيَّعوا السُّبلا، هم يطلقون علينا كلَّ حارقة ونحن عبرَ بيانِ نطلقُ الجملا، وهم كيانُ بنى بالنار أُمَّتَهُ، ونحن بعضُ رِقاعِ تشبه الدُّوَلاَ، كأن مليارَ فحل في عشائِرِنا، جميعَهم عجزوا أن ينجبوا بطلا”.
وتداولت الأصوات الشعرية التي تغنت بالوطن وبغزة على غرار نادية نواصر، نور الدين طايبي، بشير غريّب، كريمة عبدلي، فوزية شنة وغيرهم.