اعتبرت الكاتبة أمال بوشارب، أنّ ما تكتبه في مقرّ إقامتها بإيطاليا، منحها فرصة التحرر من العقدة التي تحكم الكتاب الذين يكتبون في فرنسا، الذين يجدون أنفسهم بين عقدة التاريخ، وعبء الذاكرة والجرح الكولونيالي، الذي يلقي بظلاله على الكتابة الأدبية بين الضفتين. وأكدت بوشارب، خلال ندوة ” أدب المهجر” بصالون الجزائر الدّوليّ للكتاب”، أنّ الشعب الجزائري تفوق في التعبير عن القضايا الإنسانية والتفاعل معها، وأنّ ذلك، قد بدا جليا في الحرب الجارية بغزة، وعلى هذا، يتعين على المثقفين الإنصات إلى شعوبهم.
- هل منحتك الحياة في بلد غير فرنسا فرصة التحرر من عبء الذاكرة الذي يلقي بظلاله على إبداع الكتاب الجزائريين هناك؟
عند الحديث عن العلاقات الجزائرية الفرنسية، تعود إلى الواجهة أوجاع الذاكرة والجرح الاستعماري، وهي حقيقة تفرض نفسها على الكتاب الجزائريين الذين يعيشون هناك، بحيث لا يمكن أن يكتبوا خارج هذا الجرح. من حظي أنني أعيش في بلد علاقاته هادئة مع الجزائر، فالعلاقات الجزائرية الإيطالية جميلة، ولدينا اليوم مثلا المعهد الثقافي الإيطالي بالجزائر يرعى فعاليات ثقافية مع المؤسسات الجزائرية. هذه العلاقات الطيبة تساهم في صنع أدب أريحي نستشعر فيه المتعة الفنية خارج أعباء التاريخ، والجرح الكولونيالي. إيطاليا هي موطن الفن والجمال وكذلك الجزائر بلد الثراء والتنوع الثقافي وأحب أن أقف على المواطن المشتركة، حيث أعتبر نفسي محظوظة كوني أعيش بين بلدين علاقتهما طيبة
- من يقرا لأمال بوشارب لا يشعر أنها غادرت الجزائر، هل تعتبرين نفسك مهاجرة أدبيا فعلا؟
صدقا لا أشعر أنني خرجت من الجزائر أو غادرتها ، فانأ لا أعتبر نفسي مهاجرة لكني انتقلت من مكان إلى مكان. وأنا أعود باستمرار إلى الجزائر وعندما أعود، أحب الاحتكاك بالناس ومعاينة التفاصيل البسيطة اليومية للشعب لا حب الحياة الفنادق والعزلة عن الناس. أدب المنفي لا يشبهني، وأجد إلهامي في تفاصيل الشارع اليومية، ولا أشعر أنني أكتب من خارج الجزائر، إنها تعيش في داخلي.
- قلت أنك تكرهين حياة الفنادق، هل هي دعوة للمثقف أن يتخلى عن رسوليته وينزل إلى الشارع.
الشعب تفوق على المثقف في التعبير عن القضايا الإنسانية، وقد بدا جليا في الحرب القائمة على غزة. وعلينا أن نتعلم من شعبنا دون عقدة أو استعلاء. وعلى المثقفين التخلي عن النظرة الفوقية الاستعلائية التي تجعل منه شخصية تقدم الدروس وعلى الآخرين التعلم منه. الأدب يكتب أوجاع الإنسان وجماليات الحياة والشعب اليوم تفاعل أكثر من المثقفين مع ما يحدث حوله وعلى المثقفين الإنصات إليه والتعلم منه.
- هل تشعر أمال بوشارب أنّ الترجمة قدمتك بشكل أفضل إلى القارئ الإيطالي؟
لا يمكن أن أقول إنها قدمتني بشكل جيد، لكنها أيضا لم تقدمني بشكل سيّء، فأنا أثق في مترجمتي يولاندا غواردي التي قدمت أعمالي إلى القارئ الإيطالي، لأنه عندما طلب مني سابقا أن أترجم أعمالي، لم أفعل بل أعدت كتابتها وهذا يجعلها إعادة كتابة أكثر منها ترجمة . وقد حذفت في “سكرات نجمة “، عندما نقلت إلى الإيطالية، الكثير من المقاطع الخاصة بالثقافة الجزائرية الحميمة منها الأغاني والتراث. ووجدت أنها لا تهم كثيرا القارئ الإيطالي، ولا تؤثر على بنية النص. نحن نتحدث هنا عن ثقافتين مختلفتين: الجزائرية والإيطالية. الترجمة فعل عظيم ولا يمكن إلا أن أكون ممتنة لمترجمتي يولاندا غواردي.