- ما هو تقييمكم الأوّلي لصالون الجزائر الدولي للكتاب في دورته السادسة والعشرين؟
بعد الغياب الذي فرضته جائحة “كوفيد 19″، وما سببته من كساد وتأجيل لكلّ ما يرتبط بالحياة العادية، عادت الأمور إلى مسارها الطبيعي، ورجع معها صالون الجزائر الدولي للكتاب..وكنا نعدّ الأيام لانطلاق هذا الحدث الثقافي الأكبر في الجزائر، لشوقنا الكبير للقاء جمهورنا من القرّاء وحتى الكتّاب، فالصالون هو الفرصة الوحيدة لذلك بغض النظر عن اللقاءات التي تبادر إليها بعض المكتبات هنا وهناك وتشمل عمليات البيع بالتوقيع وندوات حول إصدارات جديدة.
- ما هو الجديد الذي اقترحته الدار خلال الصالون؟
من أهم الإصدارات المقترحة، كتب فكرية على غرار الجزء الثاني لكتاب أصدرناه عام 2019 بعنوان “فلسطين..أكبر سطو في القرن الـ20 م”، وجاء الجزء الجديد بعنوان “اسرائيل، نحو الزوال” للكاتب الجزائري المقيم بألمانيا محمد طالب، إلى جانب كتاب للدولي الفرنسي ليليان تورام بعنوان “الفكر الأبيض” الذي يتحدّث فيه عن الآليات العنصرية التي تحكم فرنسا سلطة ومجتمعا، وكذا ديوان شعري بعنوان “قلب متشظي” للشاب ياسين عبد المليك فضلاء وهو أوّل عمل له.
ولمحمد عبد اللّه الحائز على جائزة أسيا جبار للرواية وجائزة “بابا أحمد” خلال الدخول الأدبي بمالي عن عمله “الريح قال اسمه”، نشرنا روايته الجديدة الموسومة بـ”نيل الأحياء” فضلا عن مجموعة قصصية للكاتب الشاب من وهران مهدي مسعودي بعنوان “بغض النظر عن الوقت” حيث يسترجع طفل صغير ذكرياته في البيت، الحضانة والجي والمدينة التي يسكنها ويتقل علاقته بمحيطه. أما جواد رستم تواتي فيتحدّث في خاتمة ثلاثيته “بؤس الأدب” عن رأيه في كتابات عدد من الروائيين الجزائريين كأمين زاوي، ياسمينة خضرة، كمال داود وبوعلام صنصال.
لدينا أيضا كتاب للتونسي يامن مناع بعنوان “هاوية جميلة” يسرد فيها قصة طفل يتعلق بكلبه لكن والده يقتله، فيحقد الطفل عليه وعلى المجتمع الذي يستقوي على الضعيف.
- كيف وجدتم إقبال الجمهور على الصالون؟
رغم تراجع الترويج للإصدارات والكتب الجديدة على صفحات الجرائد، وغلق المكتبات لأبوابها في كثير من المدن الكبرى، فمثلا مدينة بحجم وهران بقيت بها مكتبة واحدة، إلا أنّ “أبيك” خلال مشاركاتها العديدة في الصالونات المحلية والوطنية في مختلف المدن الجزائرية، تمكّنت من خلق نواة صغيرة توسّعت شيئا فشيئا أضف لذلك الدور الذي تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي التي أضحت فضاءات لترويج الكتب ومناقشة محتوياتها من خلال مجموعات قراءة ومشاركة، ما جعل الهوة بين القارئ والكتاب تتقلص.
في بعض المدن كالمدية، البليدة، تيزي وزو ومستغانم، هناك جمعيات ثقافية ونوادي قراءة بالجامعات أسّسوا لتقاليد جديدة حول الكتاب من خلال دعوة الكتّاب ومنحهم فرصة لقاء قرّائهم وعرض أفكارهم وأعمالهم، وعندما يحين الصالون، يتنقلون إليه للقاء كتّابهم المفضّلين واقتناء أعمالهم.
- “أبيك” من دور النشر المهتمة والمشجعة لأدب الشباب فضلا عن كونها منفتحة على كلّ ما يتعلق بالكتاب والنشر في افريقيا، لماذا؟
تحتفل “أبيك” هذه السنة بعشرين سنة من الوجود، وخلال هذا المسار، تعاملت مع نصوص جيّدة، وصالون الكتاب يعدّ فرصة لاكتشاف أقلام شابة واعدة، حيث منهم من يراسلنا على البريد الالكتروني، فيما يستغل أخرون مشاركتنا في المعارض ويتقدمون إلى جناحنا بمخطوطاتهم، بنص أو أكثر، ويجدون منا كلّ الاهتمام، وبعد قراءة المخطوط مرة أولى نقدّمه للجنة القراءة لإبداء الرأي، فنحاول تقريب وجهات النظر في حال اختلافها، خاصة إذا لمسنا وجود بذرة مبدعة تحتاج إلى الاهتمام والمرافقة وكذا التشجيع والتحفيز. فسياستنا في “أبيك” واضحة تعتمد على الانفتاح على النصوص وليس على الأسماء، حيث نهتم بالنص المكتوب بغض النظر عن صاحبه وشهرته.
أما اهتمامنا بالأدب الافريقي، فيعود إلى 2007، بجلب نصوص افريقية مهمة للقارئ الجزائري خاصة بعد انقطاع سبل العمل المشترك، فحاولنا إعادة بعث حركية الكتاب مع افريقيا، ونعتقد أنّ قدوم كتّاب أفارقة من مالي، الكاميرون، السنغال وبوركينافاسو وغيرها دعم للأدب كعامل تقارب وإثراء، ولقاؤهم مع القرّاء الجزائريين ومهنيي الكتاب يمكنه أن ينعش صناعة الكتاب ويمنح ديناميكية جديدة للمجال.
- نودّع الدورة السادسة والعشرون، كمهنيين وفاعلين في مجال صناعة الكتاب، ما المأمول في الدورة القادمة؟
أملنا أن يكون هناك نشاط ثقافي وأدبي مستمر بين الدورتين، لأنّ كتّابنا متعطشون للقاء قرائهم ونقل أفكارهم، أعمالهم وتجاربهم.
نتمنى أن تكون سياسة واضحة للكتاب، خاصة وأنّ الهيئات والإمكانيات متوفرة، وصالون الكتاب مثال على ذلك، ما ينقصنا هو رؤية مدروسة ومضبوطة للوصول إلى تحقيق الغايات المرجوة والتغلّب على كلّ العراقيل الكابحة للوصول إلى صناعة كتاب قوية تجعل من الجزائر مركز إشعاع فكري وثقافي عالمي.